• Posted by : Unknown الثلاثاء، 11 أغسطس 2015



    الزاوية : 3 [أديمُ الأرضِ لن يُطفئ النقصَ هذا] 



    يتذكّرُ يوماً , تزوّج فيهِ والِدَهُ إمرأة لتُربّيهِ عِوضاً عَنْ أُمهِ المتوفاة 

    في سِنِّ السابِعة تقّريباً , تغيّرَ قلبهُ ومصيره الأعرج , يشذبُ أطراف حكاياهُ

    مِنذُ صارتْ لهُ أُمٌ تذيقهُ الحنان وتُطفئ لوعة اليتيم في داخلهِ .

    إحساسٌ غريب , حينَ يخلو بنفسهِ بين حوائط حجرتهِ .. من آلم الفراق والوحدة 

    يبكي أو لِخوفهِ من مجهولٍ لا يعرفهُ أحد !

    نهضَ بجسدهِ النحيل , يُقابِلُ والده المُشيخ , ناداه عِندَ دخولهِ البيتَ فـ تبسّم صغيره 

    لهُ , ركضَ نحوهُ مستثيرة غرائزهُ المجهولة بـ تلك اليد , مُدمّاةٌ أصابِعُها 

    كاد ليلعقها لولا تلقّيهِ لصفعةٍ قويّة أردتهُ أرضاً .

    وبـِخِلاف الأطفال أجمعين , لم يكُن باكِياً أو صارِخاً , حتّى بعد رؤيته لتلك النظّرة

    التي تُزعزع البنيان المشدود لكنّه آبى الإستيعاب .

    نادتهُ والدتهُ : لا بأس صغيري , تعال إلى هُنا , سيبرُدُ طعامَكَ إن توانيتَ عن 

    النهوض , وأردتُ إخباركَ صديقُكَ قادِمٌ اليوم لتلعبان سويّاً كُرة القَدَمِ .

    ــ حَسَناً .

    جفاءهُ أحزنها , الإقتِضاب في كلامهِ أعاد تلك اللقطات حين رأتهُ أوّل مرّة 

    في المطعم , كان لطيفاً جدّاً حينها بالرغم مِن كلامهُ المُختصر !

    أما الأن فهوَ يزدادُ وحشيّةً يوماً بعد يوم .

    [الساعة : السادسة والنصف] 

    حضرَ صديقهُ وقابلهُ الآخر بـ تململ , لَعِبا بالكُرة في الساحة الخلفيّة للمنزل 

    ركلَ [ديم] الكُرة في محاولة التسديد , لكنَّها تعدّتُ الأطراف الحديديّة لقوّة الضربة.

    حكَّ صديقهُ رأسهُ فكرتهُ تاهتْ ولا يعرف أينَ هيَ الآن !

    ــ [ديم] , ما رايُكَ في التِجوال قليلاً , لن نستطيع اللعب هكذا من دون الكُرة 

    وما زال لديَّ وقتٌ كافٍ قبل العودة لمنزلي . 

    ــ لا بأس , هل أختار أنا المَكان؟

    ــ أجل , إخترهُ أنت .

    ــ سأخذكَ لِمكانٍ فيه أنا , ميتٌ تحتَ النفق القديم في الجهة الأُخرى .

    ــ عن ماذا تتحدّث؟ هل أنت بخير ديم ؟

    ــ بخير , هيّا إتبعني , سترى بعينِكَ ذلِك .

    دخل [ديم] النفق الأرضيّ الحاوي على مجرىً للمياه الملوّثة , وكُلّما زادتْ

    الظُلمة , إشتدّ خفقان قلب الطفل المسكين .

    بعد دقائق من المشيّ , توقّف [ديم] مكشراً عن أسنانه بـ إبتِسامة حقيرة , 

    زادتْمِن روع الآخر , والصدمةُ فيما رأى , جُثّة مُظرجة دماً , مُمّددة على الأرض 

    الرَطِبة , أشعلَ مِصباح هاتِفهُ المصنوع مِنْ البلاستِك , إنتفض جسدُهُ حين دقّقَ 

    في ملامِح الجُثّة البادءة في التفسّخ , 

    ــ مَن هذا؟ إنّهُ يُشبِهُكَ , كيف ذلك؟ 

    ــ يا لكَ من مسكين ! أُنظُر لوجهك تكادُ تبكي من الخوف, أُحب هذه التعابير 

    إنّهُ المدعو "ديم" له نفسُ إسمي , كان وحيداً بعد موتِ والدتهِ فـ لعبتُ معهُ , سمّاني

    إبن الزاوية لإنّي خرجتُ لهُ مِن زاوية الخِزانة .. 

    بعد مدّة سألتُهُ هل أنا مُهِمٌّ أكثر أم والدتهُ فأجابني بـ [أنت] ! لو كان لي أمٌّ لما فضّلتهُ 

    عليها , قتلتهُ ها هُنا وإتَّخذتُ شَكلهُ كما ترى ..

    ــ إتَّخذتَ ماذا؟ كيف؟

    ــ يا لكَ مِن مُزعِج , ما زِلتَ تسأل! يبدو إنّ باب عودتك حالَ للإنغِلاقِ قريباً !

    ــ لم أفهم؟ هل أنتَ بشر؟ كيف لكَ أنْ تفعلَ هذا؟ ما ذنبهُ إنْ لم تَكن لكَ أُم؟ ومِنذُ متى

    والشياطين تُريدُ أُمّاً؟ حقير ..

    ــ رائع , رائع .. لكَ جُرأة لتكلّمَ شَخصاً ليس مِن "البشر"! رُبّما الخوفُ أنكصَ عقلك

    بعيداً , طفلٌ بكّاء  , تُنعتُني بالحقير فتبكي أمامي , أُطمئِنُكَ لن تخرج من هُنا حيّاً

    وفّر دموعك في فيما بعد .

    ــ هل لي بسؤال؟ بما إنّي سأموت قريباً ولن أخرُج .

    ــ نعم .

    ــ لِمَ ذهبت للعيشِ مع عائلة القتيل وأنت من فعل؟ هل تُريد قتل والديهِ أيظاً؟

    ــ لا, فقط .. أردتُ تجربة حياته , ليست مُعاملة والديه لهُ سيئة أو وضعه

    الماديّ , وما كان راضٍ بِذلك! , يستحقُّ الموت ..

    ــ فهمت . والآن , ينبغي أن أقول وداعاً .

    تتقهقر , تعود , أنت فقط بشر , خياراتُكَ محدودة , وليسَ التأججَ في جمرة القلب

    ينفع .هُم , لم يَرضوا بما كسبوه , يظنّون العيش سهلاً !

    لا تدع طِفلَكَ وحده , أعيُنٌ بقرمدٍ أحمر تُراقِبهُ , تغتاضُ فـ تغار , لا تعرف أيُّ بلاءٌ

    وأيّهما تأثيرهُ أقوى , لست راضٍ إجعل القبر يُرضيك .. 

    ــ مكرتم فـ مكرتُ .. والآن , يجب أنْ أعود لـِ المنزل , أُمّي ستقلق! 


    يتبع





    0 التعليقات

    أتركْ بصمَتَكَ هُنا :

  • .

    Follow us on facebook

    Featured Posts

    Contact Us

    Find Us

    Copyright © - شيطانة - شيطانة - Powered by Blogger - Designed by Johanes Djogan